الثلاثاء، 31 يناير 2017

صلصال الهرمنيوطيقا


حين سُئل فولتير عمن في إمكانه قيادة الجنس البشري,لم يقل الأقوي جسداً أو الأطول عمراً أو الأكثر اجتهاداً,وإنما رأي أن مستقبل الجنس البشري يكمن في هؤلاء"الذين يعرفون كيف يقرأون".
للعالم حولنا شكل آخر غير ما يتخذه أمام عيوننا أو بالأحري رؤيتنا للعالم,العالم يكمن في اللغة التي تغذي عقولنا بكل المعارف والأفكار,التي تنشئ شخصياتنا وتدفع توجهاتنا أينما توجهنا,هذا العالم الظاهري أما العالم العميق فهو في نصوصه اللغوية,وفنونه البصرية السمعية,هذا الإلهام الذي به نتدين ونحب ونغني ونفكر ونتأمل...إلهام اللغة المحيرة التي يقف أمامها المتأمل بابنبهار وعجب,حين يطلع علي مؤلفاته التي غيرت الدنيا.
النصوص أمام بصرنا نقرأها حين نتعلم الأبجدية ونبصر بعيون سليمة,أما الفهم والتفسير والترجمة ففي بصيرتنا الذاتية,كيفية قراءتنا لتلك الرموز التي شكلت ذواتنا وحياتنا,هي الهيرميونطيقا...فن التفكير واستخلاص معني النصوص,وصناعة خارطة ذهنية للتأويل.
التفسير ترجمة اللفظة وشرحه أما التأويل فهو الوصول للدلالة الباطنية المنسوجة داخل اللكلام واللغة,والنصوص يتم تأويلها بحسب تاريخيتها وذهنية مؤوليها, لننظر للكتب المقدسة وكم مر عليها من مؤليين اختلفت مشاربهم واتجاهاتهم,سنجد أن العبارة الواحدة تُأول لمئات المعاني,المركزية هنا انتقلت من النص للشارح,حينئذ تتبخر الدوجماطيقية,ويتعلم الكل التواضع في رحلتهم لإدراك الحقيقة,فالمعاني ليست ثابتة,إنما تتغير حسب زمن وثقافة المُؤول.
في الدراسات النقدية الحديثة للأدب تتردد كلمة"هرمنيوطيقا"بصورة كبيرة,كما ظهرت في البدء للكتب المقدسة متخذة اسم رسول الآلهة"هرمس"النسخة اليونانية المقتبسة من تحوت الفرعوني, العالم بفن الكتابة وسحر الحروف,لتصبح مادة جديدة للفهم عند الكتاب المقدس العلماني...كما أُطلق علي الأدب الإنساني.
الهرمنيوطيقا فن عند نقاد الأدب ومنهج لدي الفلاسفة,ومهرب عند من يرفضون سلطة النصوص.عملها يشبه الصلصال تكوين أشكال عديدة من مادة واحدة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق