السبت، 17 سبتمبر 2016

كينج كونج...الحب يقتل الوحش!


كينج كونج...الحب يقتل الوحش!

علي شاشة السينما السحرية تحكي أجمل الحكايات وأعذبها,مشاهد وشخصيات تطير بنا لعوالم بعيدة عن واقعنا,وكلما طرنا فوقه علي بساط السينما السحري كلما شاهدناه بصورة أعمق وأوضح,ومن الحكايات الغريبة الممتعة التي ترويها السينما الأمريكية قصة الفتاة الجميلة والغوريلا العملاقة في فيلم كينج كونج.
شاهدت هذا الفيلم مرة واحدة منذ سنوات وأنا صغير,لم أخرج منه حينها إلا بالمتعة الخالصة,ووضعته ضمن عالمي السينمائي السحري,ومنذ أيام شاهدته مجدداً فتوضحت لي معانٍ جديدة في الفيلم الذي بهرني صغيراً بمعاركه ووحوشه ورقة بطلته.
الحب...أعظم ما يمكن أن يحدث لإنسان,وأجمل ما تحمله لنا الفنون علي اختلافها,سر الحياة وبداية كل البدايات,دوماً يطالعنا في معظم أفلام السينما وفي هذا الفيلم يحب كينج كونج غوريلا جزيرة الجماجم العملاق ممثلة سينمائية دفعتها ظروف الكساد الكبير في الثلاثينيات الذي اجتاح نيويورك؛فأغلق المسرح الذي تعمل فيه,للسفر مع مخرج سينمائي لا يعبأ بشئ إلا للمال والمجد,بعد أن ذاقت مرارة الجوع حتي أنها تورطت في سرقة تفاحة,هذا الدافع الثانوي أما الرئيسي فهو إعجابها بكاتب سيناريو الفيلم قبل أن تراه,عبر قراءة مؤلفاته,حين يخبرها المخرج بعد رفضها الأولي أن جاك دريكسول هو السيناريست تتخلي عن مقاومتها وتقبل العرض.
قصة الحب في الفيلم ثلاثية,وهي إحدي التيمات الشهيرة في الدراما كأن يحب رجلان امرأة أو امرأتان رجل,لكن المرأة في فيلمنا بين رجل وغوريلا عملاقة!
1933أنتجت النسخة الأولي من الفيلم,وحين شاهدها مخرج نسخة 2005بيتر جاكسون مخرج ثلاثية ملك الخواتم وهو في التاسعة اشتعل غرامه بالسينما وقرر أن يدخل هذا العالم.
في الثلاثينيات وحين عرض الفيلم لأول مرة في خضم سنوات التفرقة العنصرية علي أساس اللون في أمريكا,تمت قراءته أن الغوريلا ترمز للرجل الأسود الذي جلبه البيض من أفريقيا,وحين فك سلاسله أخذ يدمر منجزات الحضارة الأوروبية ويفسد حياة أناسها,وخاصة أن السود كانوا يُقدمون في سلاسل الكوميكس الهزلية المصورة بصورة أقرب للقردة,وزاد من هذه الرؤية العنصرية الفهم الخاطئ لنظرية داروين عن التطور,وبالفعل دفع الرجل الأسود الأفريقي في سبيل تصورات البعض حول التطور ثمناً باهظاُ وهم يبحثون فيه عن الحلقة المفقودة في تطورنا,ولو كان داروين حياً لرفض ممارساتهم الشريرة ضده,لما عرف عنه من مودة ورحمة في معاملة الكائنات حتي إنه لم يكن يقتل الديدان بطعنها كما كان يفعل قرناؤه,بل يضعها في مادة معينة لتموت بسلام,وغير ذلك من الأمثلة التي شوهها بعض مناصري النظرية الأقرب للمنطق حول ظهور الإنسان.
نسخة جاكسون عكست أظهرت كينج كونج بصورة أقرب للآدمية!فإن كان الآدمي وحشاً أصبح الوحش آدمياً,تعاطفنا مع كينج كونج ومشاهده(الرومانسية!)مع ناعومي واتس,أعجبنا به وهو يستميت علي مبني امباير استيت عقب هروبه من أسره للبحث عنها...أجل الحب يجعل الوحش الكامن فينا ملاك حي,ويصنع من أجبن الرجال أشجعهم ومن أضعفهم أقواهم,الحب جعل الوحش الذي صارع الديناصورات والطائرات طفلاً ضعيفاً أمام حنان وحب امرأة لو ضغط عليها بطرف إصبعه لماتت.في نهاية فيلم"اختفاء جعفر المصري"يسأل الشيطان جعفر ما الذي غيره هكذا؟وجعله يخيف الشيطان نفسه ويفر منه مختنقاً ذليلاً,بعد أن كان طائعاً له طمعاً في الثروة والمال,ضارباً بعرض الحائط كل القيم مرتكباً كل الموبقات,ليصبح زاهداً نقي النفس يحيا في قرية صيادين نائية,فيجيبه جعفر"الحب".
الحب قتل كينج كونج وأخرجه من مملكته في الغابة ليغدو فرجة لسكان نيويورك,لو قُتلت رغباتنا الوحشية الصغيرة منها والكبيرة داخلنا,بعد أن نخرجها من قلبنا,لو تغيرنا بصورة شاملة عجيبة,حينها نعرف أن الحب الحقيقي زارنا وهو لا يحتمل أي شريك له في قلب المحب,فالقلب إذ يهتف باسم الحب يتصدع فيه كل ما عداه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق