السبت، 18 يناير 2014

الكرباج علي ظهر الكوكب!



الكرباج علي ظهر الكوكب!

مرثية جديدة يغنيها جوني عقب مرثية نجيب سرور,متوسعة مرثيته هو وأنطونيوس هذه المرة...إنهم يرثون الكوكب!
النظريات العلمية الفلكية,أدب الخيال العلمي,أفلام هوليوود,تفسيرات نهاية العالم,الكتب السماوية.....,.......كلهم يتحدثون عن نهاية العالم ودمار الأرض,تاريخ الإنسان وما أبدعه في تاريخه الحضاري الممتد لآلاف السنين,كان جوهره الصراع مع الموت والفناء,والعلم الطبي اليوم في الغرب يحاول أهله محاربة الموت,والحديث عن خلايا لا تموت,وتجارب لهزيمة الشيخوخة كخطوة أولي في طريق القضاء علي الموت,فكرة الموت والنهاية,تكمن بصورة غير مباشرة في كل أعمال الإنسان كما يكمن فيها الجنس والرغبة الجسدية في اللاشعور,لكنها تظل في الخفاء لا تخرج علناً وخاصة في بلدان لا تحترم الفلسفة ولا الجنس,تري الأولي ضياعاً للوقت والثانية عيب وحرام,وحتي لا يأخذني الحديث لبعيد في هذا الفجر السابق لامتحان بعد ساعات سأتكلم عن الأغنية مباشرة.
في الصراع الدائر بين أولاد الأفاعي من الإخوان,والجيش المصري,المحاط(دوره السياسي)بشكوك عند الكثير من الشباب الثائر,تأكد في عزوفه عن المشاركة في الاستفتاء علي الدستور,ووسط كل تلك اللخبطة الملعبكة في المشهد المصري الدموي القاتم,لما يتكلم الفنانون عن السياسة,يكون كلامهم علي قدر فنهم,فمثلاً لما نجد المنشدين الإسلاميين,ينوحون متسائلين:"ثورة دي ولا انقلاب",وغير ذلك من الملوثات السمعية الضحلة في كل شئ,نري الفنان ينظر من مكانه العالي للكوكب البائس الأزرق التائه في الفضاء الكوني,الغير منظورة أحياؤه من الفضاء,لو كان يراقبنا أصدقائنا الفضائيون من التليسكوب,لتشككوا كثيراً في وجود حياة علي تلك النقطة الزرقاء السابحة في الفضاء,كما نشك نحن في الكواكب الأخري!لكن حدث لإرادة ما حياة علي سطحه,الفنانان في أغنية"الكوكب"يرانها موحلة,وتستحق الحرق بولعة,بينما الإنسان المتشئ المستهلك لا ينتبه,ويزيدان الرثاء بأنه"يا عيني مجرد سلعة",لم يتوقف الإتجار بالبشر منذ بدايته الملعونة حتي اليوم,الإتجار الصريح حتي وقت قريب جداً كنا نجد منه الأمثلة الواضحة تحدث,بصفقات تثير حنق أي عاقل علي الكوكب ويتمني حرق أوحاله حتي لو كان هو واحداً منها,ليس من المستبعد أن يكون هذا النوع لا يزال قائماً بسرية,وفي مصر باعة الأطفال لسد الحاجة مثال لا يحتاج للشرح,يحتاج لأغنية رثاء,الأكيد أنه اتخذ أشكالاً لا حصر لها,بدءً مما تفعله الشعوب مع بعضها علي ظهر الكوكب,حتي ما يفعله القواد مع العاهرة في زقاق مظلم...أما عن الأطفال,فلا أريد القول حتي لا أبكي...
مع ظهور ثقافة الاستهلاك لم يكن يتخيل المثقفون الزاعقون ضد هذا الخطر,بلا صناعة ولا علم ولا عقل,أن يتحول الإنسان المصري ذاته إلي سلعة كما اليوم,البعض توقع وحذر من ذلك في المجتمع المصري,لكن ككل التوقعات الغرائبية عن الزمن المقالة فيه التي تحققت,قوبلت بالسخرية والتجاهل,وهاهي الأغنية أكثر الفنون تعبيراً عن المجتمع تعترف بتحول الإنسان إلي سلعة.
البائع يريد تزويق السلعة لعرضها وبيعها والكسب من ورائها,الفنانون نوعين,فنان رضي أن يكون للسلطة زينة وفنان لم يرد سوي تزيين الحياة بفنه,النوع الثاني قلة ولا صوت لهم وعمرهم في الغالب قصير,النوع الأول هو ما تتحدث عنه الأغنية,الفنان المسكين,آخر حلقة في سلسلة الاستبداد,فهو ينفذ ما يأمره به سجانه,والسجان عبداً للمأمور,والمأمور لا يهمه الاثنان في شئ إلا خدمة مصالحه,فالفنان مذعور من السجان,والسجان عبد المأمور,والمأمور وحده الشبعان!
المستبدون كلهم اتخذوا من الفن مطية,لأغراضهم,ومنهم من كان الفن وخسارتهم فيه سبباً في رغبتهم في هدم العالم كالرسام الشاب الذي لو قبله الفن بين رعاياه ليخرج طاقته الفنية,لكن ظروف عديدة حرمته من ممارسة هوايته الفنية الجميلة,تحول إلي السفاح الألماني المعروف باسم"هتلر",أو كالروماني المحب للتمثيل والمسرح,والذي غني علي الناي أشعار هوميروس عن حريق طراودة بعد أن حرق روما وجلس يشاهدها وهي تحترق,هناك شك في تلك الحكاية عن نيرون,لكن المؤكد نوعاً ما أنه قتل زوجته أوكتافيا لأنه علقت علي سقوط الصولجان من يده علي المسرح!ربما يعرف المستبد قوة الفن أكثر بكثير من الفنان نفسه والحالات علي ذلك كثيرة,حتي لو تنبه الفنان للعبة فـ"المأمور من غير إحراج
لامؤاخذة فـ إيدُه الكُرباج
على ضَهر الكوكب بيدور
بيلسوَع ويطُق شرار
والحاشية تألف أشعار
على صوت كرباجُه المسعور
"والكوكب كترت أوحاله"....وهكذا تدور الدورة في كتمان لا يكشفه سوي فنان يعرف ما يقول!
كتبت عنهما من قبل بمناسبة أغنية نجيب سرور,وقد ظننت أن الكلام انتهي,لكن الفن المتجدد مع كل عمل,يخلق الكلام عن نفسه بنفسه....الأغنية السياسية في مصر تتطور,هي السيدة في فنون ما بعد الثورة,والنماذج المطروحة مبشرة بوعي غنائي يستهدف المواطن حاملاً صوت الثورة,أعمال فنية عالية القيمة ظهرت في الغناء المصري,فعقبي للسينما,تلك الجميلة الملقي عليها"مية نار" عمداً من مجموعة مخربين,حين تعود شابة جميلة تغوي الفنانين من جديد لتقديم مواهبهم وإبداعهم كاملاً ستكون اللوحة المصرية الفنية مضافاً إليها لون جديد,أعشقه!سيحتضن داخله الأغنية...ليتها تعود.
الفنان المصري-الشباب خصوصاً-يحاربون اليوم علي جبهات كثيرة,لكن عليهم أن يحملوا سلاحاً واحداً اسمه"الفن"فهو أقوي من كرباج المأمور ومن المأمور نفسه,علينا أن نتخيل شكل الحياة بلا فن؛لنعرف ماهيته!
نماذج كالشباب الذين ينتسب إليهم كاتب و مغني الأغنية,هم الدليل الوحيد علي أنه رغم كل شئ,في الغد قد نري بريق الفن يعود,أو علي الأقل تستمر الجذوة مشتعلة,وسط طوفان الإسفاف,والصوت هامس وسط صخب الفن التجاري الهابط,المثير للغيظ أن إمكانية وجود فن تجاري عالي القيمة ليس مستحيلاً,لكن هذا الحال في مصر اليوم,لكنهم سيستمرون رغم كل شئ,وهم من يجعلوني أستمر في الحلم.
وربما نكمل الحديث في أغنية جديدة.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق