الخميس، 20 ديسمبر 2012

الوزان يمتزج بمعلوف في ليون الأفريقي!



الوزان يمتزج بمعلوف في ليون الأفريقي!





جذبني العنوان من أول نظرة(ليون الأفريقي).أليس (ليون) لابد أن أن يكون فرنسياً!! هكذا اعتقدت في البداية,كيف أصبح أفريقياً علي يد أمين معلوف الساحر؟الذي ارتدي ثوب الموسيقار في تلك الرواية ليعزف لحناً بديعاً جمع الشرق مع الغرب في شخص حسن الوزان الذي هو نفسه ليون الأفريقي....يالها من رحلة تفتح أمام القارئ آفاق العالم القديم,جغرافياً وتاريخياً وإنسانياً في شخص الرحالة ذا الشخصية الفريدة,الضائعة آثاره ولم يبق منه سوي رحلاتع الأفريقية التي جمعها في كتاب(وصف أفريقية).

يشبه أمين معلوف لحد كبير شخصية الوزان نفسه,فمن لبنان العربية لفرنسا الأوروبية,مزج في شخصه روح الشرق والغرب ليصبح حقاً كاتباً عالمياً,ينتمي إلي الإنسان فقط,المسيحي العربي اللبناني فرنسي الثقافة متعدد الاهتمامات من الصحافة للاقتصاد للأدب للأوبرا.......كما كان الوزان متعدد ثنائي الديانة متعدد الثقافات؛لذلك تحب الأثنين كمرآة لما عليه البشر حين يتخلون عن قيودهم المصطنعة ويصبحوا فقط بشراً.لم يختلف الحسن الوزان المسلم المولود في الأندلس,عن ليون الأفريقي المسيحي العائش في روما,هما واحد...قطع المعلوف والوزان قيودهما ضاربين بعرض الحائط السلاسل المقيدة لروح الانسان,ولم يهتما سوي بالحياة,وجعلها مليئة بالعلم والفن والأدب,أحبا الحياة فأحبتهما ومنحتهما سر من أسرارها....كيف تري الدنيا بوضوح دون تمييز بين هذا وذاك.


في البداية يقول معلوف علي لسان الوزان:"خُتْنتُ,أنا الحسن بن محمد الوزان,يوحنا-ليون دومديتشي,بيد مزين وعُمدت بيد أحد الباباوات,وأدعي اليوم"الأفريقي" ولكنني لست من أفريقية ولا من أوروبة ولا من بلاد
العرب,وأُعْرَف أيضاً بالغرناطي والفاسي والزياتي,ولكني لم أصدر عن أي بلد,ولا عن أي مدينة,ولا عن أي قبيلة.فأنا ابن السبيل,وطني هو القافلة وحياتي أقل الرحلات توقعاً"
 


وفي النهاية ستتساءل أنت حائراً من هو الحسن الوزان؟ ولن تجد إجابة سوي أنه حياة عابرة مختلفة عن حيوات العاديين من بني آدم,رجل قرأ كثيراً,وتعلم في كل مكان,وارتحل لبلاد عدة,اغتني وافتقر,رأي الحرب
وعاش في السلام,ذهب لفاس والقاهرة وروما,وكان شاهداً ومشاركاً في صعود دول,وانهيار أخري رأي الموت والخراب,وتنعم في أحضان نساء من كل الأجناس.
فهو الإنسان الذي ينطبق عليه وصف"عاش الحياة بما فيها",كل ذلك في الأربعين سنة الأولي من حياته!!!!
قبل أن ينضج عاش حيوات عدة واعتنق دين وترك آخر,لكن الشواهد تؤكد أنه ظل مسلماً للنهاية ومسألة تعميده علي يد البابا,كانت"تقية"ليتمكن من العيش في إيطاليا بعد أن تم أسره,فلم يتخل عن اسم حسن الوزان ووضعه بجوار اسم ليون الأفريقي,وظل في كتاباته حين يتحدث عن العالم الإسلامي يقول:"وعندنا.....",والله أعلم بهذا الأمر.

في القاهرة-وهي التي أهتم بها أكثر من سواها- استوقتني عبارة الصبي السائس حين رأي الوزان مهموماً بسبب "الغزو" العثماني علي مصر,هو الأندلسي الغريب,فاتهمه أم يحمل الأمور علي محمل الجد أكثر من اللازم!!!فصفعه الوزان صفعة يستحقها بظاهر يده قائلاً:"لقد احتلت مدينتك,واجتيحت بلادك,وحكامها جميعاً بين قتيل وهارب,وقد حلم محلهم آخرون جاءوا من آخر الدنيا,وأنت تأخذ عليّ أني أحمل الأمور كثيراً علي محمل الجد؟" فيجيبه الولد:"كل من تزوج أمي أصبح عمي" ثم يعود للضحك غير مهتم.
لقد وقع الوزان علي نموذج واحد من الشخصية المصرية,متعددة الأنماط,أجل تلك الروح موجودة ومتأصلة عند الكثيرين,وفي ذات الوقت روح التمرد والثورة والوطنية المشتعلة موجودة في الكثيرين,ظهرت بصورة جليّة في ثورة يناير التي لا تزال إلي الآن مستمرة,ولن يقتلها أصحاب مبدأ من يتزوج أمي.
يالها من رحلة وياله من رحالة,ويالها من رواية,وياله من كاتب أمين معلوف,تمكن أن ينظر للحياة بصورة محايدة وأن يري الكل بشراً لهم نفس الروح والصفات,وذلك أمر علي المتعصبين عسير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق